كي برس/

 

 

لم ينتظر أغلب الشخصيات والكتل السياسية المرشحة في انتخابات 12 من آيار حلول الموعد الرسمي لانطلاق الحملات الدعائية الذي حددته مفوضية الانتخابات العراقية وصادف أمس، بل باشروا فجر أمس وقبل طلوع الشمس تعليق الصور والملصقات في الشوارع والساحات العامة.

وشاهد سكان مدينة بغداد وبقية المحافظات العراقية، ليل السبت، عشرات الشاحنات وسيارات الحمل وهي تنقل آلاف الملصقات الدعائية للمرشحين وبمختلف الأحجام، وتقوم عبر مجاميع من الأشخاص بلصق وتعليق صور المرشحين في الساحات والشوارع العامة.

وينظر طيف واسع من الشرائح الاجتماعية العراقية بعدم الارتياح لامتلاء مدنهم بصور وجوه سياسية مكررة ومتهمة بالوقوف وراء حالة الفشل التي. تمر بها البلاد منذ سنوات

ويرى مراقبون للشأن الانتخابي في بغداد، أن الموجة الأولى من الحملة الانتخابية المكرسة للترويج في الطرقات والساحات العامة، تظهر حجم الموارد المالية التي يتمتع بها هذا الائتلاف أو تلك الشخصية السياسية، لجهة سعة المناطق التي تغطيها الحملة الانتخابية وطبيعة المواد المستعملة في «البوسترات» الدعائية وحجمها، إلى الأماكن المعلقة فيها. ويقول المرشح زياد العرار عن القائمة «الوطنية» التي يتزعمها إياد علاوي، إن «الحملات الدعائية تكلف ما لا يقل عن 50 مليون دينار عراقي في حدها الأدنى بالنسبة للمرشحين العاديين، وتصل ملايين الدولارات للأثرياء ورؤساء الكتل والمسؤولين السابقين».

ويشير العرار إلى أن «حملات الوزراء والمحافظين وكبار المسؤولين في الدولة تكلف ملايين الدولارات، بعضها تأتي عن طرق صرف أموال الموازنات المالية المخصصة لمشروعات الدولة».

ويضيف «في أحيان كثيرة يستغل المرشح منصبه الرسمي للعمل على مشروعات تصب في صالح هدفه الانتخابي». ويكشف العرار، عن أن «أغلب الكتل والائتلافات الكبيرة تستعين بشركات خاصة للترويج لحملاتها الانتخابية، وهناك من يستعين بشركات عربية، وبخاصة من لبنان».

بدوره، يرى خبير الحملات الانتخابية قاسم محمد جبار، أن «هجمة الكتل والشخصيات الانتخابية على الأماكن العامة هدفها، وبخاصة الأماكن الجيدة منها، الوصول إليها قبل المنافسين الآخرين». ويقول جبار لـ«الشرق الأوسط»: «الأماكن العامة شبيهة بالمال السائب المعرض للنهب في أي لحظة؛ لذلك تتعرض لحملة (نهب) من الائتلافات والشخصيات المرشحة، ولو أن أمانة بغداد والبلديات في المحافظات وضعت قوانين صارمة لاستيفاء أجور البوسترات الانتخابية لما تجرأ أحد على وضع دعايته فيها». ويرى جبار، أن «الملصقات والإعلانات الدعائية للمرشحين ربما لا تستنزف الكثير من الموارد المالية للمرشحين والقوائم، إنما يكون الإعلان التلفزيوني أكثر كلفة بما لا يقارن، إضافة إلى مراقبي الكيانات التي تقوم القوائم الانتخابية بتوظيفهم، فضلاً عن تكاليف النقل التي تلجأ إليها بعض التحالفات لنقل الناخبين في حال بُعد المراكز عن منازلهم».

لكن الخبير الانتخابي قاسم محمد جبار، يلفت إلى أن «الدعاية التلفزيونية المكلفة ربما لن تكون أحد هموم الكتل الكبيرة هذه المرة؛ لأن أغلبها لديه فضائيات ووسائل إعلام مختلفة يستطيع الترويج لحملته الانتخابية عبرها».

إلى ذلك، أثارت إزالة صور الذين قتلوا خلال معارك ضد المتطرفين وتعليق صور المرشحين بدلا عنها جدلاً. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، لا تزال شوارع بغداد والمدن العراقية وأعمدتها توشح بصور ولافتات «شهداء» القوات الحكومية والحشد الشعبي، الذين قضوا في المعارك التي انطلقت منذ عام 2014 ضد تنظيم داعش. ويقول ستار تركي (45 عاماً) مستهزئاً «بمجرد أن دقت الساعة 12 من ليل أمس، سارعوا لرمي صور الشهداء ورفعوا مكانها صور اللصوص الجدد». وعلى الفور انتشرت دعوات على شبكات التواصل الاجتماعي للحد من هذه الإهانة بحق «الشهداء».

وقال ليث الشمري على صفحته على «فيسبوك»: «سيقوم المرشحون برفع صور الشهداء ووضع صورهم، ونحن بدورنا يجب أن نقوم بحملة حرق كل ملصق دعائي يخص أي نذل وجبان يقوم بهذا الفعل؛ لأننا يجب أن نحافظ على صور شهدائنا كرد جميل». وكرد فعل سريع، بعد إنزال صورة «شهيد» ووضع صورة أحد المرشحين، قام مواطنون بإنزال صورة المرشح ورميها على الأرض وإعادة صورة «الشهيد».

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور لـ«شهداء» رميت على الأرض ورفعت في مكانها صور للمرشحين، في حين قام مرشحون آخرون بوضع صورتهم فوق صورة «الشهداء» المعلقة على أحد أعمدة الكهرباء